الصفحة الرئيسية

لماذا لا أشعر بشيء؟ فقدان الإحساس وموت المشاعر الصامت

لماذا لا أشعر بشيء؟ فقدان الإحساس وموت المشاعر الصامت

في بعض الأيام… لا أشعر بشيء، أفتح هاتفي، أقرأ رسالة طويلة… ولا أشعر. أرى وجهًا أحبه… وأبتسم فقط بملامحي، لا بروحي. المشكلة أنني أعرف أني تغيرت، لكنني لا أعرف متى حدث ذلك. هل طبيعي أن لا نشعر؟ أم أننا نُطفئ أنفسنا دون أن ندري؟ هل هذا هو فقدان الإحساس.

فقدان الإحساس
لماذا لا أشعر بشيء؟ فقدان الإحساس وموت المشاعر الصامت

ما هو فقدان الإحساس؟

تظن أنه مؤقت، لكنه يطول. تظن أنك بخير، لكنك فقط تعوّدت على ذلك. قد يبدو الأمر عاديًا في البداية، لكنه يبدأ يأكل منك بالتدريج… حتى تفقد اتصالك بذاتك.

سؤال: ماذا لو لم تكن مشكلتك أنك حزين… بل أنك توقفت عن الإحساس بالحزن نفسه؟

6 أسباب نفسية تؤدي إلى فقدان الإحساس

  1. الإرهاق العاطفي: وذلك عندما تعيش على وضعية "تحمّل" دائم… عقلك يطفئ إحساسك من أجل ان يحميك.
  2. كبت المشاعر لفترة طويلة: كل مرة تقول "مش وقته أضعف"، تكدّس داخلك… حتى تنفصل.
  3. صدمة لم تتعافَ منها: موقف واحد أحيانًا يترك صدى عاطفي بارد… لا تبكي، لا تصرخ، فقط تصمت داخليًا.
  4. الوحدة العاطفية: حتى لو كنت وسط ناس، لو مافيش احتواء حقيقي… تبدأ تنطفي تدريجيًا.
  5. التبلد الدفاعي: تتأذى كثير، فتصير تبني جدار داخلي… يمنع الألم، ويمنع كل شيء آخر معه.
  6. ضغط "أني لازم أكون طبيعي": تحاول تقنع نفسك أنك بخير… لدرجة إنك تبدأ تصدق هذا القناع وتنسى كيف كنت تشعر أصلًا.

تأمل: الشعور ليس ضعفًا. الخدر هو ما يسرق منك نفسك وأنت تظن أنك تحميها.

فيديو تحفيزي للدكتور ياسر الحزيمي

إذا كنت لا تشعر بشيء الآن، فهذا لا يعني أن الحياة اختفت من داخلك. ربما هي فقط تهدأ، تنتظر، تتعافى. شاهد هذا الفيديو القصير، وتأمل كيف أن الهدوء أحيانًا هو الطريقة التي يعود بها الشعور، لا العكس.

هل فقدت الإحساس دون أن تنتبه؟

فقدان الإحساس لا يأتي دائمًا بصوتٍ عالٍ. لا يصرخ في وجهك. أحيانًا يمر كضيف ثقيل يجلس بصمت في زواياك… حتى تعتاد عليه. إذا لاحظت هذه الإشارات، ربما حان الوقت لتسأل نفسك بصدق :

  • هل تمرّ عليك الأيام كلها بنكهة واحدة: لا تُفرحك، لا تُحزنك، فقط تمضي.
  • او هل تتفاعل مع الآخرين بلُطف، لكن بداخلك… لا شيء يتحرّك.
  • هل تضحك أحيانًا، لكنك تشعر أنك تُمثل الدور فقط.
  • وهل تتجنّب التفكير في مشاعرك، ليس لأنها مؤلمة… بل لأنها غير موجودة أصلًا.
  • أو يراودك السؤال: هل أنا طبيعي؟ لماذا لا أشعر بأي شيء؟

صمتك لا يعني سلامًا… أحيانًا هو صرخة مكتومة فقدت صوتها.

فقدان الإحساس أم اكتئاب؟ الفرق ليس كما تظن

كثيرون يخلطون بين "الاكتئاب" و"الخدر العاطفي"، لكن هناك فروق دقيقة تستحق أن نراها بأعيننا بهدوء، لا في عجلة من امرنا:

الاكتئاب التقليدي فقدان الإحساس
مشاعر حزن واضحة أو بكاء مستمر غياب كامل للمشاعر… حتى الحزن
رغبة في العزلة للهروب من الألم وجود جسدي مع الآخرين… لكن دون تواصل حقيقي
تعب جسدي واضح وأرق أو نوم مفرط جسد نشط أحيانًا… وروح هامدة دائمًا
رغبة في التغيير أو الصراخ أو الانسحاب لا رغبة في شيء… فقط فراغ
تفاعلات داخلية مؤلمة غياب داخلي كامل، كأنك لا تملك قلبًا بعد الآن

ملحوظة: الاكتئاب مؤلم. فقدان الإحساس… مخيف ، واريدك عزيزي ان تقيم نفسك بين هذين بصدق لتعرف حالتك.

بعض الامثلة من حياتنا اليومية… 

ليست المأساة دائمًا في فقدان الأشياء، بل في فقدان قدرتك على الإحساس بها. هذه بعض المشاهد اليومية التي قد تمرّ بها… دون أن تُحرّكك:

  • اولاً تتلقى رسالة طويلة من شخص يشتاق لك… ولا تشعر بشيء.
  • ثانياً تُشاهد فيلمًا مؤثرًا، وتتمنى أن تبكي… لكن عينيك جافتان.
  • ثالثاً تنجح في أمر انتظرته طويلًا… وتُصفّق لنفسك دون إحساس.
  • رابعاً تُجالس من تحبهم، وتضحك معهم… لكنك بعيد عنهم بمئة شعور.
  • خامساً تنام بسرعة، لا لأنك مرتاح… بل لأنك لم تعش يومك من الأصل.

هل ما يحدث لك تعب؟ أم انسحاب داخلي… لا زال ينتظر أحدًا يعيده للحياة؟

تمرين: استعادة الإحساس في 10 دقائق

أنت لا تحتاج دائمًا إلى تغييرات جذرية، بل إلى لحظة صغيرة تعيدك إلى ذاتك. هذا التمرين بسيط، لكن صدقني… إن واصلته بصدق، سيحدث شيئًا بداخلك لم تتح له فرصة أن يظهر منذ وقت طويل.

  1. اجلس في هدوء تام: لا هاتف. لا صوت. لا هدف. فقط وجود.
  2. أغلق عينيك واسأل نفسك: "ماذا أشعر الآن؟" لا تجيب بسرعة. فقط أنصت.
  3. لاحظ جسدك: هل هناك توتر؟ برودة؟ ثقل؟ هذه لغة الشعور… لا تتجاهلها.
  4. خذ نفسًا عميقًا: واحبسه 4 ثوانٍ… ثم أخرجه بهدوء. افعلها 4 مرات.
  5. افتح عينيك واكتب: لا تكتب ما "ينبغي" أن تشعر به… اكتب فقط ما وجدت، حتى لو كان: "لا شيء".

تذكير: الصدق مع ذاتك هو أول إحساس يعود… حتى لو لم يكن جميلاً.

وماذا بعد؟ العلاج يبدأ من هنا

لا يوجد دواء سحري يعيد لك إحساسك في لحظة، لكن هناك خطوات واقعية تبدأ بها حتى لو كنت فارغًا:

  • اولاً أوقف الاستنزاف اليومي: أي شيء يُشعرك أنك "تؤدي فقط" بدون شعور… قلّل منه، ولو مؤقتًا.
  • ثانياً اربط نفسك بعادة حية: نبتة تسقيها، دفتر تكتب فيه، حتى كوب قهوة تشربه بهدوء.
  • ثالثاً تحدث إلى أحد تثق به: لا تطلب حلًا، فقط قل: "أنا لا أشعر، وهذا يؤلمني".
  • رابعاً لا تستعجل استعادة الشعور: أحيانًا يحتاج القلب وقتًا ليستيقظ… لا توقظه بالصوت العالي.
  • خامساً اطلب مساعدة نفسية لو طالت المدة: ليس ضعفًا أن تعترف أنك تحتاج من يمسك يدك لتعود إلى الحياة.

نصيحة: لا تُحمّل نفسك فوق طاقتها. حتى الجماد، حين يُسخّن ببطء… يستعيد دفئه.

تذكير: لا تُجبر نفسك على الفرح… فقط اسمح للحياة أن تمرّ من خلالك، حتى تعود.

مقالات سابقة ذات صلة

رأيي الشخصي

أحيانًا أشعر أنني أمشي… لكن لا أتحرّك. أنني أعيش… لكن بلا أثر. مرت عليّ أيام لا أميز فيها بين التعب، والفراغ، والهدوء. كلها تشبه بعضها. كنت أبحث عن تفسير، حتى أدركت أني لا أحتاج إجابة… بل فقط أن أصدق أن ما أشعر به حقيقي، حتى لو كان "لا شيء".

التعافي بدأ حين توقفت عن الكذب على نفسي. حين قلت: نعم، أنا لا أشعر… وهذا مؤلم. ومن هناك، بدأت ألاحظ نَفَسي، طعم الشاي، صوت أمي… مشاعري لم تعُد دفعة واحدة. لكنها عادت، بهدوء، كلما عدت أنا إلى نفسي.

وكلما ضاق بي الشعور، تذكّرت أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة. نعم… ديننا لا يمنعنا من الحزن، لكنه يعلّمنا أين نضع هذا الحزن. في السجود، في الصمت بين يدي الله سبحانه وتعالى، في لحظة صدق لا تحتاج فيها لتفسير… فقط للنجاة.

الأسئلة الشائعة حول فقدان الإحساس

هل فقدان الإحساس يعني أنني مصاب بالاكتئاب؟

ليس بالضرورة. يمكن أن يكون عرضًا مؤقتًا بسبب الإرهاق أو التبلّد النفسي. لكن إذا طال، يجب استشارة مختص.

كيف أشرح للآخرين أنني لا أشعر بشيء دون أن يظنوا بي سوءًا؟

بهدوء. قل لهم: "أنا لا أمر بحزن واضح… لكنني متعب من الداخل، ومشاعري متوقفة." من يفهمك، سيصغي.

هل أحتاج علاجًا؟ أم فقط راحة؟

إذا كان الشعور مؤقتًا، الراحة قد تكفي. أما إذا طالت الحالة أو أثّرت على حياتك، فالعلاج النفسي ليس ضعفًا… بل خطوة ناضجة.

كيف أعرف أنني بدأت أستعيد شعوري؟

حين تعود لتضحك بصدق، أو تبكي دون تفسير، أو تتأمل كوب القهوة وتشعر به. هذه إشارات الحياة في داخلك.

في نهاية هذا المقال

فقدان الإحساس ليس موتًا، لكنه نداء داخلي يقول لك: "توقّف… شيء ما فيك يحتاج أن تعيد ترميمه." لا تُجبِر نفسك على "أن تكون أفضل"، فقط كن صادقًا، وهادئًا، وقريبًا من نفسك.

قريبًا: هل الشعور دائمًا هو دليل الحياة؟ اقرأ مقالنا التالي: طرق فعّالة للتغلب على التفكير الزائد والتمتُّع بالحاضر

الاسمبريد إلكترونيرسالة