الصفحة الرئيسية

هل أنا آمن فعلًا؟ كيف تعيش الشعور بالأمان النفسي بعد صدمات خفية؟

هل أنا آمن فعلًا؟

أحيانًا أجلس في مكاني، لا أحد يؤذيني، لا يوجد صراخ، لا خطر حقيقي… لكن شيئًا داخلي لا يهدأ. قلبي يخفق لأبسط رد فعل، عقلي يستعد للهرب من كلمة، جسدي متأهب دون سبب واضح. المكان آمن… لكنني لست كذلك.

الأمان النفسي
هل أنا آمن فعلًا؟ كيف تعيش الشعور بالأمان النفسي بعد صدمات خفية؟

بدأت أفكر: متى آخر مرة شعرت فيها أنني أتنفّس بصدق؟ لا أراقب، لا أتوتر، لا أشرح نفسي؟ هل يُمكن أن أكون عشت سنوات وأنا بلا أمان… رغم أن لا أحد ضربني؟

 الأمان ليس في أن "لا أحد يؤذيك"، بل في أن لا تشعر أنك مراقَب حتى من داخلك.

ما هو الأمان النفسي؟

الأمان النفسي ليس شعورًا فارغًا مثل "أنا تمام"… بل هو أن تشعر أن وجودك مقبول، أن صوتك مسموع، أن خطأك لا يعني نهايتك.

هو أن تعيش داخل نفسك دون أن تخاف منها، أن تقول "أنا أحتاج"، "أنا مُتضايق"، "أنا سعيد"… دون أن ينهشك نقد أو تنظر لنفسك وكأنك تُبالغ.

تعريف بسيط: الأمان النفسي هو القدرة على أن تكون حقيقيًا… دون أن تخاف من عواقب ذلك.

5 علامات تدل على أنك تفتقد الأمان النفسي دون وعي

الأمان النفسي لا يختفي فجأة، بل يتم استهلاكه ببطء… حتى تصبح شخصًا لا يعرف لماذا يتوتر، أو لماذا يصمت حين يريد الكلام ، وهذه بعض العلامات تدل على ذلك عزيزي:

  1. تتوتر من ردود الفعل: كلمة بسيطة كفيلة بأن تُربكك، لأنك دائمًا في وضع دفاع داخلي.
  2. تخاف التعبير عن رأيك: ليس لأنك لا تعرفه… بل لأنك لا تشعر أنك "مسموح لك".
  3. تراقب نفسك كثيرًا: في كل كلمة تقولها، أو كل نبرة، أو حتى كل حركة تتحركها… كأنك في اختبار لا نهاية له.
  4. تفرط في شرح نفسك: وكأنك مذنب طوال الوقت… تحاول أن "تبرر وجودك" ، كثرة التبرير تدل على قلة ثقتك بنفسك.
  5. لا تشعر أنك تستحق الحب كما أنت: بل كما تُرضي، كما تضحك، كما تخفف من صوتك.

سؤال: متى كانت آخر مرة شعرت فيها أن وجودك لا يُشكّل عبئًا على أحد؟

فيديو: "استعادة نفسك لا تبدأ من الخارج"

شاهد هذا الفيديو عزيزي وسترتاح بإذن الله سبحانه وتعالى ، وارح قلبك ولا تنسى الدعاء اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا .

تأثير غياب الأمان النفسي على قراراتك وعلاقاتك

عندما لا تشعر بالأمان، لا تختار كما تريد… بل كما "يقلل احتمالية الألم". فتصبح حياتك قائمة على "ردة الفعل" أكثر من "النية".

  • أولاً تُجامل أكثر مما تُعبّر عن رأيك.
  • ثانياُ تُوافق على أشياء لا تُشبهك فقط لتجنّب الرفض ، والا تسمع كلام سيؤذيك نفسياً لاحقاً.
  • ثالثاً تنسحب من علاقات بمجرد أن تشعر أنك ستُرفض لاحقًا.
  • رابعاً تُؤجل القرارات لأنك تخاف من نتائجها النفسية.
  • خامساً تقوم بتفسير كل شيء على أنه تهديد غير مباشر.

ملاحظة: غياب الأمان لا يعني أنك هش… بل يعني أنك مرهق من النجاة المتكررة.

الفرق بين الشخص الآمن… والشخص المهزوز داخليًا

الأمان النفسي لا يُقاس بالصوت العالي… بل بالصمت الذي لا يُخيفك. الجدول التالي يساعدك على ملاحظة الفرق بهدوء:

الشخص الآمن نفسيًا الشخص غير الآمن نفسيًا
يعرف أنه ليس عليه أن يكون مثاليًا دائمًا يشعر أنه إن أخطأ سيُرفض فورًا
يُعبّر عن رأيه بهدوء يصمت خوفًا من الإحراج أو التصادم
يتعامل مع الرفض كجزء طبيعي من الحياة يرى الرفض كدليل على أنه "غير كافٍ"
لا يفسر كل شيء على أنه تهديد يشك في النوايا… حتى لو لم يُصرّح بذلك
يأخذ قراراته من قناعة يتراجع عن قراراته خوفًا من ردود الفعل

الأمان النفسي ليس رفاهية… بل راحتك الداخلية التي تحاول إيجادها كل صباح.

أمثلة من حياتنا حينما يغيب عنا الأمان النفسي

ليس شرطًا أن يصرخ احد ما في وجهك حتى تفقد أمانك… أحيانًا يكفي أن تقوم بإسكات مشاعرك كل مرة تقول "أنا بخير" وأنت لست كذلك ، حيث:

  • اما انك تمضي الوقت مع أشخاص تخاف أن تكون نفسك أمامهم.
  • او انك تكتب رسالة ثم تمسحها… لأنك لا تظن أن مشاعرك مهمة.
  • وممكن ايضاً انك تعتذر عن التعبير وكأن صوتك يُزعج.
  • او لا ترتاح حتى في الصمت… لأن داخلك يصرخ وأنت تبتسم.

سؤال: متى كانت آخر مرة عبّرت فيها عن مشاعرك دون خوف؟ أو بُحت بما في داخلك دون تبرير؟

تمرين "لحظة أمان"… كيفية استحضار الشعور لا التفكير فيه؟

الأمان ليس فكرة… بل شعور في جسدنا ، جرب هذا التمرين البسيط الآن:

  1.  اولاً اجلس في مكان هادئ… وخذ نفسًا عميقًا.
  2.  ثانياً تذكّر لحظة شعرت فيها بالراحة… حتى لو كانت قصيرة.
  3.  ثالثاً أين كنت؟ من حولك؟ ما صوتك؟ ما نظراتك؟
  4. رابعاً ركّز على إحساسك بالجسم: تنفّسك، عضلاتك، قلبك.
  5.  خامساً كرّر هذه اللحظة… كلما شعرت أن داخلك يرتجف.

ملحوظة عزيزي القارئ: الأمان لا يتم فرضه عليك، بل يتم إعاده تذكّره حتى يصير عادة داخلية لديك.

كيف تبدأ استعادة الأمان النفسي؟

  • عليك ان تسمح لنفسك أن تشعر دون أن تُحاسبها.
  • ثم تكوين مساحة في حياتك تُشبهك دون تمثيل.
  • ومن ثم تكتب كل مرة شعرت فيها بعدم الأمان… ولا تُكذّب شعورك.
  • ثم تضع حدودًا بسيطة… حتى لو كان أولها: “أنا أحتاج وقتًا وحدي”.
  • واخيراً عليك مراقبة ما بداخلك بدل أن تراقب توقعات الآخرين منك.

لاحظ عزيزي أن: ترميم البيت يبدأ من الداخل، والأمان يتم بناؤه بجدران من الصدق لا من  الخوف.

مقالاتنا السابقة تساعدك في تطوير نفسك

رأيي الشخصي في هذا الموضوع

من أكثر الأشياء التي علّمتني معنى الأمان كانت الصلاة، حيث انني كلما ارتجفت داخليًا لجأت لسجدة، لا لأهرب من الواقع، بل لأعود لنفسي فيه. النبي ﷺ قال: "وجُعلت قرة عيني في الصلاة"، وفهمت أنه ليس كل سكون خارجي سلام، بل هناك سكينة لا تكتسبها إلا إذا اقتربت من الله عز وجل بحق.

والآن حين يسألني أحد: "هل تشعر بالأمان؟" أقول: "أحيانًا، لا. لكنني بدأت أصدق نفسي، وأثق في أن الله يراني حين لا يراني أحد."

الأسئلة الشائعة

هل الأمان النفسي يعني أن أكون دائمًا مرتاحًا؟

لا، بل أن أسمح لنفسي أن أشعر، وأتكلم، وأعيش دون أن أبرر نفسي طوال الوقت.

هل الناس يولدون بأمان نفسي… أم يُبنى؟

كلاهما. بعض الناس ينشؤون في بيئات حامية، لكن كثيرون يبنونه بعد وعي وتجارب.

هل الأمان النفسي له علاقة بالإيمان؟

نعم. من أسماء الله "السلام"، والأمان يبدأ حين تؤمن أن الله يراك ويرحمك حتى عندما لا تفهم نفسك.

نهاية هذا المقال

عزيزي القارئ بارك الله فيك، أنت تستحق أن تعيش دون ارتباك دائم ،أن تُحب دون خوف ، وأن تُخطئ دون جلد ، المقصد أن تكون نفسك… دون أن تشرحها كل مرة.

قريبًا: كيف تُقيم علاقة حقيقية دون أن تخسر حدودك النفسية؟ تابع المقال القادم:لماذا تشعر أن الناس يتجنبونك رغم أنك خلوق؟

الاسمبريد إلكترونيرسالة